إقتصاد

أيّتها المصارف: لن تُنسى أفعالكِ

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تتزايد النشاطات - الواضحة منها والمستترة - لبثّ شعور اليأس في نفوس المودعين، وكأنّ المطلوب إقناعهم بأنّ ما حصل قد حصل، وأنّ الودائع قد تبخّرت إلى غير رجعة.

هذا النشاط لم يأتِ من فراغ. فمن جهة، هناك مَن يروّج عن قصد، وبأجندات واضحة، أنّ لا حلول عادلة مرتقبة، وأنّ على المودعين القبول بالواقع المرير، تمهيداً لتمرير تسويات مالية ملتوية لتكريس خسارتهم. ومن جهة أخرى، هناك مَن يساهم في هذه الأجواء من غير قصد، عبر تكرار الشعارات السوداوية والاستسلام لمعادلة «الأمر الواقع»، من دون إدراك أنّ هذا التصرّف لا يقتل الأمل فحسب، بل يُعطّل أيضاً أي محاولة جديّة للضغط نحو حلول عادلة.

نُكرّر، إذا اقتنع المودع بأنّ الودائع تبخّرت، يصبح تلقائياً أقلّ مطالبة بحقوقه، وأكثر استعداداً للقبول بفتات الحلول أو بالمساومات المضلِّلة. وهذا بالضبط ما تريده الأطراف المستفيدة من عدم محاسبة المصارف.

الحقيقة هي أنّ الودائع لم تتبخّر، بل جرى استخدامها وإخفاؤها وتدويرها في حسابات أصحاب المصارف والمسؤولين في المركزي والدولة. وما يُمنَع عن الناس هو الحق بالاطّلاع على الدفاتر المالية الحقيقية وفتح حسابات المصارف، كل مصرف على حدة، والتدقيق الجدّي بها ومقارنتها مع حسابات المركزي. من هنا، فإنّ المعركة ليست معركة أرقام فقط، بل معركة وعي وصمود بوجه ماكينة التضليل المنظّمة.

اليأس ليس قدراً وهو مرفوض. والخطاب الذي يجب التمسّك به هو: كشف الحسابات، تحميل المسؤوليات، استعادة الحقوق كاملة غير منقوصة، ووضع آليات شفافة تضمن عدم تكرار الكارثة.

والعجيب أنّنا لا نسمع مطالبة بفتح دفاتر المصارف من أحد، ولا تُطرح على البحث والمناقشة، وحتى لا أحد أجابنا أو ناقشنا في جدوى أو عدم جدوى الأسئلة التي نطرحها دائماً حول حسابات المصارف، هل هذه الأسئلة غير هامة؟ وإذا كانت غير هامة، لماذا لا يُصرّحون علناً بذلك، ويقولون إنّ الاطّلاع على حسابات المصارف كل على حدة هو من دون قيمة؟

أخيراً، نتوجّه إلى كل مَن نَهَب البلد: أعمالكم تركت وراءها عائلات جائعة، شباباً فقدوا آمالهم، وبلداً مدمّراً ومستنزفاً. قد لا تنجح عدالة الأرض في محاسبتكم عن كل ذلك، لكن هل ستستطيعون النوم ليلاً؟ هل تنسون آلاف الذين دمّرتم حياتهم؟

تذكّروا أنّ الظلم لا يُنسى، وأنّ العدالة السماوية فوق كل محكمة.

ننصحكم ألّا تورّثوا أولادكم الصيت السيّئ. فالأفعال الشنيعة لا تموت مهما طال الزمن، والمحاسبة - ولو تأخّرت - ستبقى تلاحق الفاعل وأولاده وأحفاده إلى ما لا نهاية. والتاريخ شاهد: اسم جان باتيست كولبير، وزير مالية فرنسا في القرن السابع عشر، بعدما مُدح وكُرِّم، لاحقه عمله السيئ في «الكود نوار» الذي شرّع العبودية، فصار وصمة عار على جبين التاريخ. وهكذا سيبقى اسم كل من خان أمانة اللبنانيِّين، وبدّد جنى أعمارهم، مرادفاً للعار، مهما حاول تزوير الوقائع أو شراء الذمم. فالإرث الأخلاقي أثقل من أي إرث مادي، والذاكرة الجماعية لا تُشترى ولا تُمحى.

ونُكرّر، إنّ اليأس مرفوض لأنّه مهما صعبت الأمور الآن، حلولها موجودة إذا تمّت معالجتها بالشكل الصحيح، ولبنان قادر على الإزدهار من دون معاونة أية جهة خارجية من بنوك وغيرها، لأنّه يملك مقدّرات كبيرة إذا تمّ تطبيق الخطوات اللازمة، وأولها الشفافية المطلقة. وسنشرح في مقالات لاحقة الخطوات التي ستوصلنا إلى الازدهار والنمو.

فادي عبود - الجمهورية

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا